نتائج الحملة الفرنسية علي مصر:
1- النتائج العسكرية: مهدت للقضاء علي النظام العثماني المملوكي في مصر وزعزعت دعائم هذا النظام وأظهرت الحملة مدي ضعف القوات المملوكية المستبدة والقوات العثمانية الغازية. وكان لهذا الأمر أثر كبير في بعث الهمة في نفوس المصريين وتشجيعهم علي المقاومة.
2- الاقتصادية: عملت الحملة علي هز النظام الاقتصادي المصري الموجود وساعدت علي هدمه، دون أن تتمكن من صنع أسس لبنيان اقتصادي جديد لقصر المدة التى مكثتها في مصر. ولكنها سهلت لمن يأتى من بعدها من مهمته. وساعدت الحملة علي ظهور حرف جديدة كالمطاعم ودور اللهو، كما وضع الفرنسيون أول ميزانية حديثة لمصر. وقاموا بعمل مسح للزراعات والمحاصيل والأراضي المصرية وذلك لأول مرة.
3- الاجتماعية: أوجدت الحملة الفرنسية أنماطاً سلوكية جديدة علي المصريين مثل الاختلاط وخروج الرجال مع السيدات للتنزه- وإنشاء المطاعم ودور الشراب واللهو. وانتشار الدعارة ولذلك كانت الصدمة التى أعطتها الحملة الفرنسية للمجتمع المصري كمجتمع شرقي إسلامي، قد أدت إلي زيادة تمسك المصريين بعاداتهم وتقاليدهم، وتمسكهم بشرقيتهم كسلاح من الأسلحة التى يحافظوا بها علي شخصيتهم وعلي مقدساتهم. هذا من ناحية العادات والتقاليد.
أما من ناحية البنيان الاجتماعي فإن مجيء الحملة قد انزل ضربة قوية بالطبقات الحاكمة وبشكل يقلل من الضغط علي الطبقات المحكومة فقد أظهرت ضعف العثمانيين وقلة قوتهم وحيلتهم. كما أظهر تشتت المماليك وابتعادهم عن مناطق نفوذهم التقليدية واحدث انقساماً كبيراً في صفوفهم. وأوجد طبقة جديدة هي طبقة العلماء والمشايخ والتجار وأعلا من شأنها. أما بالنسبة للطبقة الشعبية من صناع وحرفيين وفلاحين فأنها هي التى صدمت ودفعت ثمن الاحتلال، ولكنها أظهرت معدن هذه الطبقة وقدرتها علي المقاومة والثورة وتجلي ذلك في ثورتى القاهرة، وثورات الأقاليم ضد الفرنسيين. كما أن هناك نتائج اجتماعية أخرى حيث قام الفرنسيون بعمل أول إحصاء لمصر والتى بلغ عدد سكانها طبقاً لهذا الاحصاء التى تم (مليونان ونصف نسمة)، في عام 1800م، وقاموا بقيد المواليد والزواج والوفيات.
4- السياسية:
أ- خارجية: لفت أنظار العالم إلي أهمية مصر الإستراتيجية والاقتصادية والمعنوية والاقتصادية وكيف أنها تتحكم في طرق المواصلات وسوق هام للتوزيع ومركز رئيسي للمواد الخام. وأظهرت للعثمانيين أن مصر هي درة العرش العثماني.
ب- الداخلي: أوجدت نظم سياسية جديدة واشركت المصريين في حكم أنفسهم من خلال الدواوين فأذكت فيهم القدرة علي اتخاذ القرارات السياسية الخاصة بهم. كما أظهرت الحملة أن الشعور السياسي لدي المصريين عال وأوضحت لهم أهميتهم وقدرتهم علي المقاومة وأوضحت تمسكهم بوطنيتهم وإسلامهم. وتحول شعورهم لأول مرة إلي الشعور الوطنى، واتحاد المسلمين والمسيحيين في مقاومة الاحتلال. وظهور ما عرف بالرأى العام الذي أدى إلي ثورتى القاهرة الأولي والثانية.
5- النتائج العلمية: تركت الحملة الفرنسية أثاراً واضحة في ميدان العلوم والفنون والآداب علي مصر والدراسات المتعلقة بها وكانت النتائج العلمية للحملة من أهم النتائج التى أدت إلي الاحتكاك الحضاري بين مصر وفرنسا. وقد أشرف علماء الحملة علي إقامة معامل البارود وعلي الورش وعلي دار سك العملة. وإنشاء حديقة للحيوانات وإنشاء مكتبة للعلوم الطبيعية وأخري للتاريخ الطبيعي ومعملاً للكيمياء وإقامة مرصد فلكي وأشرفوا علي مصانع دباغة الجلود، وصناعة السروج والأحذية وبنوا معامل تقطير الكحول (الخمور). ودراسة الآثار وخاصة أثار الصعيد. وإنشاء المجمع العلمي والذي ألحقت به مطبعة للجيش والمعمل الكيميائي ومكتب العلوم الطبيعية. كما قامت الحملة بدراسة حفر قناة لتصل ما بين البحرين المتوسط والأحمر ورغم أن الدراسة أخطأت فأظهرت ارتفاع منسوب المياه في البحر الأحمر إلا أنها كانت مقدمة لحفر القناة الذي تم بعد ذلك بسبعين عاماً. ووضعت الحملة كتاب وصف مصر الذي اشترك فيه عدد كبير من العلماء كل في نطاق دراساته. وحملت الحملة معها مطبعة حديثة عرف المصريين عن طريقها المطبوعات وأهميتها لأول مرة.
ولكن من الآثار الهامة للحملة هو اكتشاف حجر رشيد وهو من الجرانيبت الأسود ويقرب ارتفاعه من المتر وعرضه من ثلاثة أرباع المتر وسمكه 25 سم وقد تمكن من فك رموزه العالم الفرنسي "شمبليون" عام 1832م وقد أدى ذلك إلي معرفة اللغة الهيروغليفية وكشف أسرار التاريخ المصري القديم وإنشاء علم المصريات الحديث.
موضوع: بدايات التاريخ المصري الحديث والمعاصر ( 6) 
الجمعة مارس 20, 2009 8:49 pm
