المادة الحادية عشرة:
1- مع الاحتفاظ بحرية عقد اتفاقيات جديدة في المستقبل لتعديل اتفاقيتى 19 يناير، 10 يوليو سنة 1899 قد اتفق الطرفان المتعاقدان إدارة السودان تستمر مستمدة من الاتفاقين المذكورين ويواصل الحاكم العام بالنيابة عن كلا الطرفين المتعاقدين مباشرة السلطات المخولة له بمقتضى هاتين الاتفاقيتين.
والطرفان المتعاقدان يتفقان علي أن الغاية الأولي لإدارتها في السودان يجب أن تكون رفاهية السودانيين. وليس في نصوص هذه المادة أي مساس بمسألة السيادة علي السودان.
2- بناء علي ذلك تبقي سلطة تعيين الموظفين في السودان وترقيتهم مخولة للحاكم العام الذي يختار المرشحين الصالحين من بين البريطانيين والمصريين عند التعيين في الوظائف الجديدة، التى لا يتوفر لها سودانيون أكفاء.
3- يكون جنود بريطانيا وجنود مصريون تحت تصرف الحاكم العام للدفاع عن السودان فضلاً عن الجنود السودانية.
4- تكون هجرة المصريين إلي السودان خالية من كل قيد إلا فيما يتعلق بالصحة والنظام العام.
5- لا يكون هناك تمييز في السودان بين الرعايا البريطانيين وبين الرعايا المصريين في شئون التجارة والمهاجرة أو في الملكية.
6- اتفق الطرفان علي الأحكام الواردة في ملحق هذه المادة فيما يتعلق بالطريقة التى تصبح الاتفاقيات الدولية سارية في السودان.
المادة الثانية عشرة:
يعترف صاحب الجلالة الملك والإمبراطور بأن المسئولية عن أرواح الأجانب وأموالهم في مصر هي من خصائص الحكومة المصرية دون سواها وهي التى تتولى تنفيذ واجباتها في هذا الصدد.
المادة الثالثة عشرة:
يعترف صاحب الجلالة الملك والإمبراطور بان نظام الامتيازات القائم بمصر الآن لم يعد يلائم روح العصر ولا حالة مصر الحاضرة. ويرغب صاحب الجلالة ملك مصر في الغاء هذا النظام دون إبطاء. وقد اتفق الطرفان المتعاقدان علي الترتيبات الواردة بهذا الشأن في ملحق هذه المادة.
المادة الرابعة عشرة:
تلغى المعاهدة الحالية جميع الاتفاقيات أو الوثائق القائمة التى يكون استمرار بقائها منافياً لأحكام هذه المعاهدة ويجب أن يعد باتفاق الطرفين المتعاقدين إذا طلب أحدهما ذلك بيان بالاتفاقيات والوثائق الملغاة وذلك في مدى ستة أشهر من نفاذ هذه المعاهدة.
المادة الخامسة عشرة:
اتفق الطرفان المتعاقدان علي أن أي خلاف بينهما بصدد تطبيق أحكام المعاهدة الحالية أو تفسيرها ولا يتسنى لهما تسويته بالمفاوضات بينهما مباشرة يعالج بمقتضى أحكام عهد عصبة الأمم.
المادة السادسة عشر:
يدخل الطرفان المتعاقدان في مفاوضات بناء علي طلب أي منهما في أي وقت بعد قضاء مدة عشرين سنة علي تنفيذ هذه المعاهدة وذلك بقصد إعادة النظر بالاتفاق بينهما في نصوص المعاهدة بما يلائم الظروف السائدة حينذاك فإذا لم يستطيع الطرفان المتعاقدان الاتفاق علي نصوص المعاهدة التى أعيد نظرها يحول الخلاف إلي مجلس عصبة الأمم للفصل فيه طبقاً لأحكام عهد العصبة النافذ وقت هذه المعاهدة أو إلي أي شخص أو هيئة للفصل فيه طبقاً للإجراءات التى يتفق عليها الطرفان المتعاقدان. ومن المتفق عليه أن أي تغيير في المعاهدة عند إعادة نظرها يكفل استمرار التحالف بين الطرفين المتعاقدين طبقاً للمبادئ التى تنطوي عليها المواد (4،5،6،7) ومع ذلك ففى أي وقت بعد انقضاء مدة عشر سنوات علي تنفيذ المعاهدة يمكن الدخول في مفاوضات برضا الطرفين بقصد إعادة النظر فيها كما سبق بيانه.
وقد هاجم الحزب الوطنى (بقاياه) المعاهدة هجوماً عنيفاً لأنها تقبل بالصداقة والتحالف مع الإنجليز وهم لا يزالون يحتلون مصر بينما اعتبرتها باقي الأحزاب أساساً جيداً للبناء عليه.
والواقع أن التحالف العسكري بين مصر وإنجلترا واعتراف مصر بالحكم الثنائي في السودان وهو الثمن الذي دفعته مصر في مقابل السيادة التى اضفاها تمتعها بعضوية عصبة الأمم، وإلغاء الامتيازات الأجنبية طبقاً لاتفاق مونتريه. وكانت المعاهدة وليدة اصطناع القوة إذ أن انجلترا بسبب وجود قواتها العسكرية في الشرق الأوسط كانت قادرة علي الاستمرار في احتلال مصر والسودان رغم أنف المصريين. وعلي ان تدافع عن مصر سواء اشتركت مصر في هذا الدفاع أم لم تشترك وكانت انجلترا علي يقين من أن باستطاعتها أن تقوم بذلك. وكان المصريون يعلمون ذلك ويدركون حقيقة الموقف الدولي في شرق المتوسط ولهذا تنازلوا عن نصف مطالب مصر في سبيل الحصول علي النصف الآخر.
وكان من الواضح أن معاهدة 1936 قد وضعت نهاية لفترة في العلاقات المصرية البريطانية بدأت بضرب الإسكندرية في 11 يوليو عام 1882 ثم بلغت درجة شديدة من التوتر والعنف عام 1919، ثم انتقلت إلي طور الصداقة عام 1936.
علي أن معاهدة عام 1936 تسجل نقطة انتقال حاسمة في تاريخ مصر المعاصر. فقد أقنع الزعماء الوفديون الشعب بأنهم قد أحرزوا له الشرف والاستقلال، ولهذا انحسر المد الوطنى الصاعد الذي كان ذخيرة مصر المعنوية منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر وتوهم المصريون أنهم قد حصلوا علي الاستقلال، وصرفتهم الأحزاب إلي النضال المرتبط بمتطلبات الحكم.
لقد جاءت أحداث الحرب العالمية الثانية في عام 1939 والسنوات التى تلتها حتى انتهت الحرب في منتصف الأربعينيات لتكتوي مصر بنار حرب ليس لها بها شأن ودارت علي أرضها معارك ضخمة وصلت فيها قوات المحور بقيادة ألمانيا حتى العلمين. ولكن في النهاية كانت الغلبة للحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الزعيم الجديد للغرب وكانت أحداث الحرب العالمية الثانية فرصة نمو الوعي الوطنى وخاصة بين صفوف ضباط القوات المسلحة وتشكل تنظيم الضباط الأحرار منذ عام 1941-1942. وجاءت نكسة فلسطين عام 1948 لتلهب هذا الشعور الوطنى ولتظهر الفساد الذي ران علي قلوب قادة هذه الأمة، مع ما مثلته المظالم الاجتماعية والتدني في التعليم وانحسار الملكية الزراعية في أيدي نسبة ضئيلة من كبار الملاك المزارعين. كل هذا أدي بالملك إلي إجراء انتخابات عام 1950 ليأتى حزب الوفد إلي السلطة بقيادة مصطفي النحاس ولكنه في هذه المرة يتقرب إلي القصر، واستمر الحال المتردى وتزمر المصريين. وفي محاولة لاستعادة الثقة حاولت حكومة الوفد ان تدخل في مفاوضات مع الإنجليز من أجل إنهاء الاحتلال إلا أنها فشلت فأعلنت الحكومة في 8 أكتوبر عام 1951 إلغاء معاهدة عام 1936، وقد أيدتها القوى الوطنية علي اختلاف انتماءاتها وبدأت مرحلة جديدة من مراحل الكفاح الوطنى.
وتشكلت كتائب الفدائيين التى أخذت تهاجم الإنجليز في معسكراتهم في القناة، مما أدي بالإنجليز أن يهاجموا مدينة الإسماعيلية في 25 يناير عام 1952 ويتصدى لهم جنود الشرطة ببنادقهم ويستشهد منهم الكثير. وفي اليوم التالي 26 يناير حدث حريق القاهرة وكانت هذه الأحداث ارهاصات عجلت بقيام ثورة يوليو عام 1952.
موضوع: تابع معاهدة 1936 
الثلاثاء مارس 17, 2009 7:44 pm
